سورة محمد - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (محمد)


        


{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)}
{الذين كَفَرُواْ} يعني كفار قريش، وعموم اللفظ يعم كل كافر، كما أن قوله بعد هذا: {والذين آمَنُواْ} يعني الصحابة، وعموم اللفظ يصلح لكل مؤمن {وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله} يحتمل أن يكون صدُّوا بمعنى؛ أعرضوا فيكون غير متعد أو يكون بمعنى صدوا الناس فيكون متعدياً، وسبيل الله: الإسلام والطاعة {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} أي أبطلها وأحبطها، وقيل: المراد بأعمالهم هنا ما أنفقوا في غزوة بدر؛ فإن هذه الآية نزلت بعد بدر، واللفظ أعم من ذلك {وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ على مُحَمَّدٍ} هذا تجريد للاختصاص والاعتناء، بعد عموم قوله: {آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} ولذلك أكده بالجملة الاعتراضية، وهو قوله: {وَهُوَ الحق مِن رَّبِّهِمْ} {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} قيل: معناه أصلح حالهم وشأنهم، وحقيقة البال الخاطر الذي في القلب، وإذا صلح القلب صلح الجسد كله، فالمعنى إصلاح دينهم بالإيمان والإخلاص والتقوى.


{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)}
{فَضَرْبَ الرقاب} أصله فاضربوا الرقاب ضرباً، ثم حذف الفعل وأقام المصدر مقامه، والمراد، اقتلوهم. ولكن عبّر عنه بضرب الرقاب، لأنه الغالب في صفة القتل {حتى إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ} أي هزتموهم، والإثخان أن يكثر فيهم القتل والأسر {فَشُدُّواْ الوثاق} عبارة معن الأسر {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً} المن: العتق، والفداء: فك الأسير بمال، وهما جائزان فإن مذهب مالك أن الإمام مخيّر في الأسارى بين خمسة أشياء: وهي: المن والفداء والقتل والاسترقاق وضرب الجزية. وقيل: لا يجوز المنّ ولا الفداء لأن الآية منسوخة بقوله: {فاقتلوا المشركين} [التوبة: 5] فلا يجوز على هذا إلا قتلهم. والصحيح أنها محكمة وانتصب منَّا وفِداء على المصدرية، والعامل فيهما فعلان مضمران {حتى تَضَعَ الحرب أَوْزَارَهَا} الأوزار في اللغة: الأثقال، فالمعنى حتى تذهب وتزول أثقالها، وهي آلاتها وقيل: الأوزار: الآثام، لأن الحرب لا بد أن يكون فيها إثم في أحد الجانبين، واختلف في الغاية المرادة هنا فقيل: حتى يسلموا جميعاً؛ فحينئذ تضع الحرب أوزارها وقيل: حتى تقتلوهم وتغلبوهم، وقيل: حتى ينزل عيسى ابن مريم: قال ابن عطية: ظاهر اللفظ أنها استعارة يراد بها التزام الأمر أبداً، كما تقول: أنا فاعل ذلك إلى يوم القيامة {ذَلِكَ} تقديره: الأمر ذلك {وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ} أو لو شاء الله لأهلك الكفار بعذاب من عنده، ولكنه تعالى أراد اختبار المؤمنين، وأن يبلو بعض الناس ببعض.


{وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)}
{عَرَّفَهَا لَهُمْ} أي جعلهم يعرفون منازلهم فيها، فهو من المعرفة وقيل: معناه طيِّبها لهم فهو من العَرْف وهو طيب الرائحة، وقيل: معناه شرَّفها ورفعها، فهو في الأعراف التي هي الجبال.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8